محمية الدبابية
2019/06/28 03:28 م
محافظة قنا من محافظات جنوب الوادي بجمهورية مصر العربية ، التي يتوفر بها قدر لا يستهان به من المقومات الأساسية والضرورية اللازمة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية حيث توجد بها ثروات معدنية وحاصلات زراعية وأراضى قابلة للاستصلاح والعديد من الأماكن والآثار السياحية .
لذا يزور قنا وفود سياحية من مختلف الجنسيات التي تمر عبر المحافظة من والى الأقصر أو البحر الأحمر، لذا تسعى المحافظة جاهدة لوضع قنا على خريطة شركات السياحة وقضاء ليالي بها .
وفى ما يلي واحدة من أهم الأعمال - التي تمت لتنشيط قطاع السياحة فضلا عما تشتهر به مدنها من أثار إسلامية وفرعونية وقبطية بجانب القصور والفيلات ذات الطابع المتميز - وهى منطقة الدبابية بمدينة إسنا بمحافظة قنا كمحمية طبيعية .
والمقصود بالمحميات الطبيعية كما ورد في القانون 102 لسنة 1983في شأنها هي : أي مساحة من الأرض أو المياه الساحلية أو الداخلية تتميز بما تضمه من كائنات حية نباتات أو حيوانات أو أسماك أو ظواهر طبيعية ذات قيمة ثقافية أو علمية أو سياحية أو جمالية، ويصدر بتحديدها قرار من رئيس مجلس الوزراء بناء على اقتراح جهاز شئون البيئة بمجلس الوزراء .
فمنطقة الدبابية بمحافظة قنا محمية طبيعية بموجب قرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 109 لسنة 2007 ، والتي تتمتع بتراث ثقافي وقيم بيئية وجمالية طبيعية فريدة ذات أهمية دولية متميزة تضعها على خريطة السياحة البيئية الدولية، وتجعلها احد مراكز الجذب السياحي ، كما إنها ستجلب عائدا اجتماعيا واقتصاديا على المجتمع المحلى و العاملين في مجال السياحة وخلق فرص عمل للسكان المحليين تحقيقا للبرنامج الانتخابي للسيد رئيس الجمهورية.
فمنطقة الدبابية تعد من أندر المناطق محليا وعالميا ، نظرا لاكتمالها من ناحية التتابع الجيولوجي بين عصري الباليوسين والأيوسين وهو ما يرجع إلى ما بين 50 و 55 مليون سنة .
كما أن إعلان منطقة الدبابية كمحمية طبيعية يرجع إلى أهميتها كمنطقة تضع أمام العلماء أمكانية تساعدهم علي كشف أسرار الحياة علي سطح الأرض منذ ٥٥ مليون سنة، وهي الفترة التي شهدت موت معظم الأحياء الهائمة، نظراً لارتفاع درجة الحرارة لأعلي معدل لها علي كوكب الأرض، وبقيت الدبابية تاريخاً يتحدث حوله العلماء.
فتقع «الدبابية» في مركز إسنا بمحافظة قنا وتم إعلانها كمحمية طبيعية
برقم ٢٧ في إطار القانون رقم ١٠٢ لسنة 1983 بشأن المحميات الطبيعية ، والتي ( تبلغ مساحتها حوالي 1كم2 )، فهي محمية تجسد التاريخ وجيولوجية طبيعية توضح التتابع الجيولوجي، وتفصل بين عصرين جيولوجيين وهما الباليوسيين والإيوسيين، ورغم أن العصرين موجودان في أماكن كثيرة ومتعددة بالعالم، فإن التتابع بينهما غير متصل، بينما التتابع هنا
مكتمل وتاريخ الحياة بها مستمر ولم ينقطع كباقي دول العالم، ولم يحدث أي
انقطاع في تاريخ الحياة لأن المنطقة عبارة عن قصة مكتملة وتمثل قيمة علمية شديدة الأهمية لجميع المهتمين بالعلم، وخاصة الجيولوجيين.
ومنها تم تكليف جهاز شئون البيئة بالتنسيق مع جامعه جنوب الوادي بإعداد حصر شامل لكافة المواقع النادرة خاصة بوادي قنا وجزر النيل للحفاظ عليها في ضوء قانون المحميات الطبيعية .
وأشار الدكتور عباس منصور رئيس جامعة جنوب الوادي إن محمية الدبابية لها شهرة وأهمية عالمية لخبراء الحفريات والجيولوجيا والطبقات هذه الأهمية لا يتحدث عنها العلماء فقط، ولكن تضع من أجلها الدولة المخططات
أيضا.
ونظرا للحفاظ علي المحمية أصدر اللواء / مجدي أيوب محافظ قنا قرارا بتخصيص قطعة ارض مساحتها 2500 م بقرية الشغب باسنا ، وذلك لإقامة متحف وصالة عرض ومقر أدارى للمحمية الطبيعية بالدبابية التابعة للقرية المذكورة ، وقد أعلن المجلس الشعبي للمحافظة موافقته على تخصيص الاراضى المذكورة بجلسته المنعقدة بتاريخ 30/12/2008 م .
كما أعطى محافظ قنا تعليمات مشددة بوقف كافة الأنشطة داخل حدود المحمية، سواء أكانت أعمال تحجير أو أى أنشطة بشرية للحفاظ على الموقع.
وكذلك صرح اللواء /مجدي أيوب محافظ قنا أن المحافظة تسير بخطى ثابتة للانتهاء من الإجراءات الإدارية لمحمية الدبابية بإسنا ، مؤكدا أهمية المحمية على مستوى العالم وإنشاء مكتبة بالمبنى الإداري للمحمية تحتوى على الجهود المبذولة من العلماء وصور مكتشفى المحمية .
و أيضا ذكر محافظ قنا أن هناك مخطط لوضع إستراتيجية كاملة للحفاظ علي المحمية بتجميل المنطقة المحيطة بها،
وتشجيرها بما يليق بوضعها الأثري كمزار أثري وسياحي، وقبلة جديدة للعلماء والباحثين عن كشف أسرار الحياة.
ويضيف أن إنشاء المحمية داخل الإطار الجغرافي لمحافظة قنا،
ساهم بشكل كبير في وضع مدينة إسنا علي الخريطة السياحية العالمية.
وذلك في إطار مجهودات الدولة لتكامل حماية الطبيعة وصون التنوع البيولوجي من خلال أنشطة التنمية واهتمامها بحماية الثروات الطبيعية والتاريخية والتراكيب الجيولوجية لأهميتها في مجال السياحة العلمية والبيئية والمحلية والدولية .
جاء ذلك في الوقت الذي وصل فيه وفد دولي برئاسة الدكتورة مارى أوبروى أستاذ الحفريات والطبقات بجامعة دوتجرز الأمريكية إلى مصر لإجراء دراسات بحثية بموقع الدبابية الجيولوجي بمدينة إسنا بمحافظة قنا باعتباره أفضل المواقع ، الذي حظي بإجماع اللجنة الدولية للاستراتجرافيه من بين 29 موقعا حول العالم لاكتشاف سر انقراض معظم الأحياء من على سطح الأرض منذ ما يقرب من 55.5 مليون سنة .
وهنا وضح الدكتور خالد عبد القادر عودة الأستاذ بكلية العلوم جامعة أسيوط، و نائب رئيس الفريق ، وابن القيادي الإخوانى البارز السابق عبد القادر عودة ، انه تم اختيار محافظة قنا خاصة لهذا الموقع بعد دراسات جيولوجية على أكثر من 29 موقعا حول العالم يضم مناطق بدول النمسا وكوبا وإسرائيل وايطاليا وكازاخستان وشمال غرب أوروبا وأمريكا و أسبانيا وتونس ومصر ، تم على أثرها اختيار موقع الدبابية باعتباره أفضلها على الإطلاق من حيث وضوح التتابع داخل الطبقات الجيولوجية .
وألفت الدكتور عودة إلى تتابع الظواهر الطبيعية ذات التأثير على هذا الموقع خلال الفترة من 50 الى60 مليون سنة ، مؤكدا تعرضها لارتفاع حاد مفاجىء في درجة حرارة البحار والمحيطات مما أسفر عن موت جميع أحيائها واندثارها .
وجدير بالذكر أن هناك الكثير من العقبات التي واجهتها "محمية الدبابية " باسنا أهمها في الفترة التي حذّرت فيها رئيسة فريق الأبحاث العلمية التابع لمنظمة اليونسكو، والمكلف بتحديد منطقة القطاع الجيولوجي المثالي، من أن اليونسكو قد تضطر لاختيار دولة أخرى غير مصر بسبب استمرار اعتقال "الدكتور خالد عودة"، العالم الجيولوجي ،
مما عطل عمل فريق العمل الدولي في مصر، في الوقت الذي أكد فيه خبراء جيولوجيون من أن تل أبيب، المرشحة مع إيطاليا وأسبانيا، تجري اتصالات مكثفة لإقناع الفريق البحثي الذي كان يعمل في مصر بإجراء أبحاث الفريق في إسرائيل بدلا من مصر ، ولكن نجح الدكتور خالد عودة في إقناع الفريق بالعمل في مصر لما سوف يحققه البحث من مكاسب اقتصادية وعلمية لمصر، وأنه تم اعتقاله بعد ساعات من لقائه مع رئيس وزراء مصر ضمن الوفد الجيولوجي العالمي، حيث كان الدكتور عودة رئيسا للوفد المصري وقتها .وكانت الأبحاث قد انتهت إلى تحديد القطاع في المنطقة المصرية ، ولكن اعتقاله أدى إلى حالة كبيرة من الاستياء والخوف من أن يتنافى عنصر الأمان من مصر، مما يمنع العلماء من ممارسة عملهم بحرية، مما دفع علماء أجانب لمغادرة البلاد ، وسرعان ما اكتشفت الدكتورة ماري بيير أوبري رئيس الوفد العلمي الدولي والمفوض من منظمة اليونسكو مدى التزام واجتهاد عودة الذي قاد مصر إلى صدارة الساحة الدولية لعلم الطبقات باختيار منطقة الدبابية، 25 كم جنوب الأقصر، وهي محمية طبيعية بعد أن أقرها المهندس ماجد جورج وزير الدولة لشئون البيئة ، ومحافظ قنا، وموافقة الدكتور أحمد نظيف رئيس وزراء مصر في فبراير 2004م .
فالدبابية أشهر محمية طبيعية عالميا في قنا ، تم افتتاحها دوليا في 8/2/2004 بحضور الهيئات الجيولوجية الدولية وممثلين عن الاتحاد الدولي والجمعية الدولية للاستراتيجرافيا والجمعية الدولية الفرعية لاستراتيجرافيا الباليوجين ( الرواسب القديمة ) وأساتذة الجيولوجيا وخبراء الحفريات والطبقات في دول العالم المختلفة وممثلين عن الجامعات المصرية .
وأخيرا نخلص القول بأن الدبابية تمثل قطاع جيولوجي نموذجي على المستوى الدولي ، كما إنها تعتبر مقياس زمني يمثل أكمل القطاعات الطبقية في العالم التي شهدت البداية الفعلية للأحياء الحديثة في الكرة الأرضية ، كما إن هذا القطاع النموذجي يؤدى إلى تحديد عمر الأرض بدقة من خلال تحديد أعمار التتابعات الرسوبية البحرية المتوافقة ، وكذلك تعيين المناطق النموذجية لمثل هذة التتابعات وتحديد ظروف ترسيبها والأحياء المميزة لها وأعمارها لكي تكون بمثابة مقياس لكل عصر من العصور .